كرامي يكرّم مفتي الجمهورية اللبنانية

محمد سيف
ويحدّد الثوابت والمواقف: المرجعية الوحيدة لحمل السلاح هي الدولة والجيش اللبناني هو الضامن الشرعي وثقتنا بمؤسستنا العسكرية ثابتة ودورها مركزي في حماية الوطن ووحدة اراضيه
رهاننا العروبي كان ولا يزال رافعة استقرار لبنان، ونتطلع الى اسهام عربي فاعل ولا سيما من المملكة العربية السعودية الشقيقة لكي نعيد لبنان الى حضنه العربي الكبير
نُجدّد تأكيدنا الوقوف الى جانب دولة الرئيس نبيه بري، الحريص على ان يبقى لبنان بعيداً عن منزلقات الفتنة والتشرذم
التطاول على رئاسة مجلس الوزراء مرفوض تماماً كالتطاول على الرئاستين الاولى والثانية
نعلن للجميع ان طرابلس وكل الشمال سيبقى جزءاً لا يتجزأ من لبنان
الخلاف القائم بين بقاعصفرين وبشري على ملكية القرنة السوداء هو ليس اكثر من نزاع عقاري علماً انني على يقين ان بقاعصفرين هي صاحبة الحق
دريان: الحوار هو السبيل الوحيد لحل خلافاتنا الداخلية ونحن اخر من يفكّر في التطبيع
اقام رئيس تيار الكرامة النائب فيصل كرامي غداءً تكريمياً حاشداً على شرف سماحة مفتي الجمهورية الشيخ محمد عبد اللطيف دريان في مقرّه الصيفي في بقاعصفرين بحضور سنّي حاشد تقدمهم ممثل رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون ورئيس الحكومة نواف سلام وزير الداخلية والبلديات العميد احمد حجار، النواب فؤاد المخزومي، أشرف ريفي، عدنان طرابلسي، عبدالرحمن البزري، بلال الحشيمي، أحمد الخير، طه ناجي، حسن مراد، عبد العزيز الصمد، وضاح الصادق، ومحمد يحيى والوزير نهاد المشنوق. كما شارك مفتي المناطق اللبنانية ورئيس المحاكم السنية الشيخ محمد ساف، وعدد كبير من القضاة الشرعيين والمدنيين، نقباء المهن الحرة في طرابلس والشمال، امين عام مجلس الوزراء محمود مكية، مدير عام الامن الداخلي اللواء رائد العبد لله، عدد كبير من المدراء العامون ورؤساء مجالس الادارة، رؤساء بلديات الضنية وطرابلس والميناء والبداوي ودير عمار والمنية والشمال ومخاتير الضنية، وحشد كبير من الشخصيات الوطنية والاجتماعية ورجال الاعمال والإعلاميين.
وفي مستهل اللقاء، ألقى رئيس بلدية بقاع صفرين كلمة ترحيبية، عبّر فيها عن فخر البلدة باحتضان هذا الحدث الوطني الجامع، مرحّبًا بالضيوف الكرام، ومشددًا على أهمية اللقاء في ظل الظروف الدقيقة التي يمر بها لبنان. وتطرّق إلى أزمة القرنة السوداء وما تتركه من تداعيات على المنطقة، داعيًا إلى معالجتها بروح التعاون والحفاظ على السلم الأهلي.
كرامي قال في كلمته: “دعني بداية يا سماحة المفتي ان اؤكد انك عامود الخيمة واننا كلنا نستظل توجهات ومواقف دار الفتوى، وكلنا ثقة ان هذه الدار الكريمة كانت وتبقى وستظل الساعية لحماية لبنان ولتحقيق المصلحة الوطنية العليا، ولاخراج الطائفة الأمّة من مأزق الطائفة المأزومة عبر التطبيق الحرفي والشفّاف لبنود اتفاق الطائف”.
ثم عدّد كرامي ثوابت البيت الكرامي: ” الثابتة الاولى تجذّرت مع عبد الحميد كرامي عبر العروبة وهو المشارك في تأسيس جامعة الدول العربية وفي صياغة ميثاقها. وعبر الاستقلال وهو المناضل ضد الفرنسيين وصاحب الوصية الشهيرة لابنائه: حافظوا على لبنان واستقلاله.
الثابتة الثانية تبلورت مع الشهيد رشيد كرامي الذي اطلق مع الرئيس فؤاد شهاب اكبر ورشة وطنية لبناء دولة القانون والمؤسسات.
ومن الثوابت التي جسّدها رشيد كرامي ايضاً العداء لاسرائيل ورفض التقسيم والتأكيد على ان لبنان وطن نهائي لكل ابنائه.
الثابتة الثالثة حملها عمر كرامي جمراً بين الاصابع، وهي تحرير الدولة من الميليشيات وتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة بين ابناء الوطن ودعم الدفاع عن لبنان في مواجهة العدو الاسرائيلي وتوحيد الجيش.
والثابتة الرابعة ان فيصل كرامي يعمل في ظل هذه الثوابت ولن يحيد عنها ابداً”.
تابع كرامي: “يهمّني ايضاً ان اؤكد بحضوركم وخصوصاً بحضور سماحة المفتي ان الطائفة الأمة لا يمكن تقزيمَها لأي سبب من الاسباب، او لأن احداً منها غاب عن المشهد، فهي اكبر منّا جميعاً، وقوة الطائفة الأمة تكمن في جميع ابنائها، ولا يمكن اختزالها بأفراد مهما علت مكانتهم، واستمرارية حضورها وضمان مستقبلها مرهون بوعيها الجمعي ووحدتها. وبالمناسبة، فإن التطاول على رئاسة مجلس الوزراء مرفوض تماماً كالتطاول على الرئاستين الاولى والثانية”.
اضاف كرامي : “ان دورنا ايها الاخوة في هذا العهد الجديد يشكّل ركيزةً اساسية للمستقبل، فهذا العهد عهد اصلاح ولا بدّ من دعمه، وبناء الدولة اصبح لزاماً علينا لا نقاش فيه، واني استغرب اننا كلبنانيين ننتظر ان يشترط علينا الاشقاء والاصدقاء الشروع في الاصلاحات وفي بناء الدولة، فالمفروض ان يكون هذا هدفنا وان نطلب دعم الاشقاء والاصدقاء لتحقيق ذلك”.
ثم ظهّر كرامي مواقفه وثوابته قائلاً: “سأختصر قدر الامكان المواقف التي لا بدّ من تظهيرها في هذا اللقاء، وفي مقدمها اتفاق الطائف الذي يمثّل الركيزة الاساسية لبقاء الدولة وضمانة استقرارها، واي دعوات لبدائل عنه ليست الا سراباً، والمطلوب اليوم هو التطبيق الكامل لا النقض او الالتفاف او التفسير المغلوط.
ثانياً، لبنان وطن نهائي لجميع ابنائه ضمن حدوده الراسخة والمعترف بها، واي مسعى لتوسيع او تقزيم جغرافيته جغرافيته يشكّل تهديداً مباشراً على استقراره وكيانه.
ونعلن للجميع ان طرابلس وكل الشمال سيبقى جزءاً لا يتجزأ من لبنان، ونطالب الحكومة بالاهتمام به وادراجه ضمن خطط التنمية.
ثالثاً، ان المرجعية الوحيدة لحمل السلاح هي الدولة، والجيش اللبناني هو الضامن الشرعي. وثقتنا بمؤسستنا العسكرية ثابتة، ودورها مركزي في حماية الوطن ووحدة اراضيه.
رابعاً، ان لبنان المتنوع المحتوي لكل طوائفه هو المبتغى، ولا يجب ان يجرُ احدٌ احداً الى مغامرات تهلك الجميع، لذلك فالمطلوب دائماً هو التفاهم والحوار وايجاد الحلول دون تعريض البلاد الى صدامات لا تُحمد عقباها او الى حروب اهلية لا سمح الله.
وفي هذا المقام، نُجدّد تأكيدنا الوقوف الى جانب دولة الرئيس نبيه بري، الحريص على ان يبقى لبنان بعيداً عن منزلقات الفتنة والتشرذم. فلقد كان موقفه الاخير صريحاً وحاسماً في رفض الانجرار الى الشارع ادراكاً منه لما في ذلك من مخاطر على وحدة الوطن وأمنه.
حيث من بديهيات المسؤولية الوطنية ان لا نحوّل اي مشكلة مع العدو الاسرائيلي الى مشكلة مع الداخل اللبناني.
وهي مناسبة لاكرر استنكاري لكل الاعتداءات الاسرائيلية على لبنان، والتي تؤخّر في الحل ولا تعجّل به، والمطلوب وبالحاح تطبيق القرار ١٧٠١ والالتزام باتفاق وقف الاعمال العدائية من قبل العدو الاسرائيلي والكفّ عن الاستباحات الهمجية والانسحاب من الاراضي اللبنانية واعادة جميع الاسرى.
خامساً، ان رهاننا العروبي كان ولا يزال رافعة استقرار لبنان، ونتطلع الى اسهام عربي فاعل ولا سيما من المملكة العربية السعودية الشقيقة لكي نعيد لبنان الى حضنه العربي الكبير ونضع الدولة ومؤسساتها على سكة النهوض.
وهي اليوم تدعم الإصلاحات السياسية والاقتصادية في لبنان، وتتعهّد بمساعدتنا في بناء اقتصادنا الجديد وفي عملية اعادة الإعمار شريطة ان يكون لدينا دولة.
سادساً، ان سوريا المستقرة أمنية لكل لبناني، فهي الجارة والشقيقة والعمق العربي، ونتمنى التوفيق لكل خيارات الشعب السوري.
سابعاً، ما يجري في غزة يستدعي وقفة ضمير ورفضاً قاطعاً للمجازر بحق المدنيين. ونؤكد بالمناسبة دعمنا الكامل لجهود المملكة العربية السعودية في سبيل احياء حل الدولتين كخيار وحيد للسلام.
ختم كرامي :
“اشكر لكم حضوركم الكريم جميعاً في بقاعصفرين قلب الضنية النابض واخصّ بالشكر سماحة المفتي محمد عبد اللطيف دريان الذي لن اقحمه في الخلاف القائم بين بقاعصفرين وبشري على ملكية القرنة السوداء، وهو ليس اكثر من نزاع عقاري لا يستحق دقّ الاجراس واصوات المآذن والحديث الكاريكاتوري عن السيادة، فكلها ارض لبنانية وهذا الخلاف العقاري يفصل فيه القضاء لا اكثر ولا اقل، علماً انني على يقين ان بقاعصفرين هي صاحبة الحق.
بدوره، ألقى المفتي دريان كلمة شدّد فيها على الثوابت الوطنية التي طرحها كرامي، متطرقًا إلى الأوضاع الداخلية وملف السلاح والحوار والعلاقات اللبنانية والعربية. وأكد على أهمية الوحدة والاعتدال والتلاقي، مشددًا على الوفاء للقيم التي تجسدها مؤسسة دار الفتوى في لبنان، وداعيًا إلى تكريس نهج جامع يحصّن الوطن في مواجهة الأزمات.
وقال: “اما السلاح، فهذا الموضوع الخلافي اليوم اكرر ما قالة كرامي واقول اي موضوع خلافي يجب ان يحل ضمن المؤسسات الدستورية بالحوار وبتغليب مصلحة لبنان على غيرها من المصالح سواء كانت حزيبة او شخصية او غير ذلك لان مصلحة اللبنانيين هي المقدمة على كل امر. تعالو لنتحاور جميعا حول هذا الامر، هل يفيد التمسك بالسلاح؟ ام ان التمسك فيه قد يضر بمصلحة لبنان واللبنانيين؟ هذا موضوع للنقاش للحوار.