سلام: الدولة لا تُدار بالخوف ولم يعد لدينا ترف إضاعة الفرص
الرئيس دبوسي: مؤتمر بيروت 1 يعزز ارادة اللبنانيين في النهوض وبناء مستقبل اقتصادي مزدهر
رأى رئيس غرفة التجارة والصناعة والزراعة في طرابلس والشمال توفيق دبوسي أنّ مؤتمر “بيروت واحد” يشكّل محطة وطنية جامعة تؤكد إرادة اللبنانيين في تجاوز التحديات وبناء رؤية اقتصادية–اجتماعية مشتركة تُعيد للبنان حضوره ودوره في محيطه العربي والدولي.
وأشار دبوسي الى أن أي مبادرة وطنية جامعة، وفي طليعتها مؤتمر “بيروت واحد. 1″، ” تنسجم مع توجهات غرفة طرابلس الكبرى الهادفة إلى توحيد الجهود بين مختلف المناطق والمؤسسات، ودفع عجلة الاقتصاد اللبناني نحو حقبة جديدة من النمو، تعتمد على الاستثمار، الابتكار، والشراكات الوطنية والعابرة للحدود”.
وشدد على أن لبنان يحتاج اليوم إلى ” خطاب جامع وخطة موحّدة وأن مؤتمر “بيروت واحد 1″ هو فرصة لإطلاق مرحلة جديدة من العمل الوطني التشاركي، وأن غرفة طرابلس الكبرى لديها الإستعداد الكامل للمساهمة بكل طاقاتها وخبراتها في أي مبادرة تهدف إلى بناء دولة قوية واقتصاد منتج وفرص عمل للشباب”.
رعى رئيس مجلس الوزراء الدكتور نواف سلام افتتاح مؤتمر «المواطنة المسؤولة»، الذي نظمته وزارة الشباب والرياضة بالاشتراك مع منظمة اليونيسف في قصر الأونيسكو، بحضور وزيرة الشباب والرياضة الدكتورة نورا بايراقداريان وممثل اليونيسف في لبنان مارك لويجي كورسي، و300 من طلاب جامعات: اللبنانية، الأميركية، سيدة اللويزة، هايكازيان، الحكمة، بيروت العربية، القديس يوسف، اللبنانية الأميركية والمعارف.
واكد سلام في كلمته انه «بين مسؤولية الدولة ومسؤولية المواطن تتأسس علاقة تقوم على شراكة صادقة تعيد وصل ما انقطع من ثقة». وأضاف سلام: «لم يعد لدينا ترف إضاعة الوقت والفرص، وقد أضعنا الكثير منها، بدءًا من اتفاق الطائف، وعدم نشر الجيش في الجنوب عام 2000، وصولاً إلى إدارة شؤوننا السياسية بعد الوصاية السورية». وتابع: «الدولة لا تُدار بالخوف بل بالثقة. لقد أضاع وطننا فرصًا كثيرة، لكن ما زال فيه من عناصر القوة للنهوض من جديد».
وشدد على أن مستقبل أفضل للبنان يقوم على ثقافة سياسية جديدة، «تقوم على نبذ العنف وتقبل الآخر». وما جاء في الكلمة التي ألقاها الرئيس سلام: «يسعدني أن أكون بينكم اليوم، عشية ذكرى الاستقلال، في ورشة تختار عنوانًا لا يمكن للبنان أن ينهض من دونه: المواطنة المسؤولة. نُحيي الاستقلال كل عام، لكنّ الاستقلال ليس مجرد ذكرى، بل مهمّة نتسلّمها جيلًا بعد جيل. جيل 1943 حرّر البلاد من الانتداب، أمّا جيلنا كما جيلكم فواجبه أن يُكمل بناء مؤسسات الدولة وان يحصّنها. وان كان بديهياً ان لا استقلال تاماً بلا دولة سيّدة وقادرة، فقد يقتضي التشديد اليوم ان لا دولة سيّدة وقادرة بلا مواطنين أحرار ومتساوين. نحن في لحظة يحتاج فيها لبنان أن يعيد صياغة علاقته بنفسه. علاقة الدولة بمواطنيها، وعلاقة المواطنين بدولتهم. وهذه العلاقة، التي يسميها الفلاسفة «العقد الاجتماعي»، هي وعي مشترك ومسؤولية مشتركة، قبل ان تكون ميثاقاً تأسيسياً او دستوراً مكتوباً. لقد قام الدستور اللبناني على مبدأ واضح: الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية. اذن المواطنون والمواطنات هم مصدر الشرعية، والدولة هي الضمانة. ثم جاء اتفاق الطائف ليثبّت هذه الفكرة، وينقل لبنان من منطق «التقاسم» إلى منطق «الشراكة» في عمل المؤسسات. لكنه بقي مشروعًا معطّلًا أو ناقص التنفيذ. إنّ ما نحتاج إليه اليوم، بعد ثمانين عامًا من الاستقلال، هو أن نعيد وصل ما انقطع: أن نعيد وصل الدولة بمفهوم المصلحة العامة التي عليها تجسيده، ووصل الدستور بمؤسساته، ووصل المواطنين بحقوقهم. فعندها تكون المواطنة المسؤولة ليس مجرد فكرة … بل تصبح حجر الأساس لأي دولة حديثة، وشرط الاستقرار السياسي والاجتماعي فيها. فلا تكون الدولة بعيدة عن تطلعات مواطنيها أو حاجات مناطقهم». أضاف: «دولة القانون التي نريد، هي ضمانة المواطن الأولى. هي ليست سلطة فوقه، بل مؤسسة تخدمه. الدستور فيها ليس كتابًا منسياً، بل إطارًا ناظمًا للحياة العامة. والدولة لا تكون على الحدود فقط، بل تكون في القضاء والإدارة والمدرسة والجامعة. والمساواة هي قلب الدولة الديمقراطية الحديثة كما ان الحرية هي روحها. فمن دون المساواة او الحرية، لا يدوم العقد الاجتماعي، ولا يتكوّن انتماء وطني راسخ. الدولة التي تطلب من المواطن أن يلتزم بالقانون، يجب أن تكون هي أوّل من يلتزم به. والدولة التي تطلب من الناس الثقة، يجب أن تستحق مؤسساتها هذه الثقة. والدولة التي تبسط سيادتها باسم الدستور والقانون، ليست علامة سلطة… بل علامة مسؤولية. ومن موقع المسؤولية أقول بصراحة: الدولة في لبنان، عبر سنوات طويلة، لم تكن على مستوى هذه المسؤولية. تأخّرت في حماية مواطنيها، تردّدت في تطبيق الدستور، تراجعت أمام الضغوط الخارجية، وسمحت بأن تنمو اللامساواة وأن يُترك المواطن ليواجه وحده انهيار العملة الوطنية، وتردّي الخدمات العامة.
