سعيد: حتى لو أمسك حزب الله بالإستحقاقات لن يستطيع التحكّم بالقرار
في اللحظة التي طرح فيها البطريرك، مار بشارة بطرس الراعي، مبادرة الحياد وعقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتّحدة لإنقاذ لبنان شعر حزب الله بالتهديد المباشر. فالطرح قد يؤدّي إلى تقويض إمساكه بمفاصل الدولة.
ومن هنا، كان الردّ المباشر على المبادرة، وغير المباشر على البطريرك، من قِبَل مسؤولين في الحزب ومواقع إلكترونية تابعة للنظام الإيراني.
إنزعاج الحزب لم يكن خافيًا، ولم يخشَ الحزب من تظهيره، لأنّه لمس، من تحرّك الراعي، حالة شعبية تقارب في منحاها الحراك الذي بدأ مع ثورة 17 تشرين الأول قبل إجهاضها من خلال الحزب وبتواطؤ من المنظومة الحاكمة في لبنان.
فهل يسعى حزب الله إلى إستعادة معادلة الإمساك بالسلطة على غرار ما كان عليه بعد خروج جيش الإحتلال السوري من لبنان، عام 2005، وإنهيار قوى 14 اذار، وذلك من خلال فرض حكومة تكرّس نفوذه بعد إنهيار ثورة 17 تشرين الاول؟
النائب السابق فارس سعيد إعتبر “أنّنا على أبواب مرحلة جديدة، وليس هناك من رابح أو خاسر حتى بالنسبة إلى الفريق الذي يملك السلاح ويحكم البلاد بقوة هذا السلاح، فسيكون أيضًا في صفوف الخاسرين لأنّه عاجز عن تأمين أبسط مقوّمات الحياة للشعب”.
وتعقيبًا دعا سعيد “كلّ الذين تولّوا الشأن السياسي، بعد العام 2005، إلى مراجعة نقدية وجريئة لأنّ الإنهيار الكامل والشامل يشمل كلّ القوى التقليدية في لبنان التي تسلّمت زمام السلطة بعد خروج الجيش السوري من لبنان”. ودعا “كل الأفرقاء، وكذلك المجتمع اللبناني الذي خرج من ثورة 17 تشرين الأول، إلى المراجعة”.
في الموازاة أوضح سعيد أنّ ” المقصود من القراءة النقدية الشجاعة العودة إلى وثيقة الطائف والدستور اللبناني، والقرارات الدولية “. وإعتبر أنّ “اللجوء إلى ثنائيات، والغوص في أوهام الدعم الخارجي، أوصل لبنان إلى الهلاك، وأدخله في المجهول”.
إذا سلّمنا أنّ عمق الأزمة يكمن في محاولة حزب الله إستعادة الإمساك بالقرار والحكومة للتحكّم بالإستحقاقات النيابية والرئاسية المقرّرة بحسب الدستور في السنة المقبلة، تمامًا كما كان الوضع عليه بعد العام 2005، إلّا أنّ المقاربة في قراءة سعيد تختلف. يقول:” حتى لو أمسك حزب الله بالإستحقاقات، لن يستطيع التحكّم بالقرار لأنّه سيواجَه من قِبَل دوائر القرارات العربية والخارجية”.
منذ إغتيال رئيس الحكومة الأسبق، رفيق الحريري، عام 2005، صادر حزب الله السيادة والقرار في لبنان، وبعد محاولاته الحثيثة تدجين الطبقة السياسية، تارة بالترهيب بقوة السلاح، وتارة أخرى بالوعيد، فإنّه لن يسمح للبطريرك الماروني بالتحوّل إلى رافعة للحراك الشعبي، أو بتحرير الورقة اللبنانية من الوصاية الإيرانية إذا ما تدخّل المجتمع الدولي في أزمات هذا البلد المستعصية. سيّما وأنّ المبادرة تقوم على تثبيت قواعد إتّفاق الطائف، مع دعوة لمؤتمر تحت سقف القرارات الدولية 1701 و1559 والتي تنصّ على سيطرة الدولة على كامل أراضيها ونزح سلاح الميليشيات.
إنطلاقًا من ذلك، تؤكد مصادر سياسية أنّ مخاوف حزب الله من المحاولات التي تقوم بها مراجع ديبلوماسية وروحية لوقف الإنهيار الإقتصادي والإجتماعي في لبنان عبر خارطة طريق دولية سيصعّب من إستخدام الحزب، ومن خلفه إيران، الورقة اللبنانية على طاولة المفاوضات المرتقبة مع واشنطن. وبالتالي، لن يوفّر فرصة لإحكام قبضته بهدف تلقّف ورقة التشكيلة الحكومية والإمساك بقرار الإنتخابات النيابية والرئاسية المقبلة. فهل ينجح في ذلك وهل يتخلّى عن الثلث المعطِّل ويسمح بتمرير معادلة 24 وزيرًا في التشكيلة الحكومية المرتقبة؟
بالنسبة إلى سعيد: “أيّة مبادرة لن تفضي إلى حلّ الأزمات المصيرية في البلاد، حتى لو تمكّن الحزب من تثبيت مكانته لن يتمكّن من قطف الفرص، وعليه الدوّامة مستمرّة”.
ويختم:” خشبة الخلاص تكمن في عودة الجميع إلى نصوص الدستور ووثيقة الطائف والقرارات الدولية، وإلّا مكانك راوح أو نتحسّر على ما نحن عليه اليوم”.
المركزية