هل من حاجة لتعديل “الطائف”؟.. حرب: ما وصلنا إليه هو نتيجة إنحطاط مستوى المسؤولين
إعتبر رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، وليد جنبلاط، أنّ “التسوية باتت ضرورية، بعدما وصلنا إلى هذه الحالة من الجمود المطلق وسط إنهيار إقتصادي، والجوع يدق أبواب كل الناس ووباء كورونا يستفحل في كل مكان” في حين ترى أوساط سياسية أنّ التسوية السياسية للأزمة هي البديل عن فشل الديموقراطية التوافقية. فهل تشكّل التسوية مفتاح الحل للأزمة؟ وماذا عن تعديل الطائف والدستور؟
أكّد الوزير السابق بطرس حرب أنّ “الأزمة السياسية وعملية تشكيل الحكومة فتحت الأعين على ثغرات موجودة أصلًا في الطائف. وبالفعل، حاولنا، عندما كنّا في إجتماعات الطائف، أن نعالجها ونلفت النظر إلى إحتمال حصولها، خاصّة لناحية وضع مهلة زمنية لعملية التكليف، وعند إنتهائها يسقط التكليف ويصار إلى إستشارات جديدة. آنذاك، رفض إخواننا المسلمون هذا الطرح، فإضطررنا للمحافظة عليه كما كان قبل الطائف، أي أنّ عملية إنتاج الحكومة تتمّ بتوافق الرئيسَين”.
وأوضح: “إنّنا لم نتخيّل أن يتولّى السلطة أشخاص يختلف مفهومهم للمسؤول عن مفهومنا. فالمسؤول هو من يعمل على تأمين مصلحة بلده وشعبه ويحافظ على دستوره ومؤسساته، لكن تبيّن، اليوم، أن مَن يتولّى المسؤولية لا يتمتّع بهذه الصفات. كنّا نتّكل على حسّ الوطنية والأخلاق لديهم، كي لا يسمحوا بحصول صراع على المكاسب والحصص أو القدرة على تعطيل مجلس الوزراء، وأن تُشكّل الحكومات على أساس ما يحصل عليه الشعب اللبناني وليس هذا الفريق أو ذاك”.
وأشار حرب إلى أنّ “أيّ دستور في أيّ دولة، حتى لو تضمّن أجمل نصّ، لا يفيد إذا كان من يطبّقه سيئًا وغير كفوء وغير دستوري. النص يكمل المسار، لكنّه لا يحدّد تفاصيله وكيفية إدارة شؤون البلاد، وما وصلنا إليه هو نتيجة إنحطاط مستوى المسؤولين الذين لم يعد يهمّهم إلّا حصصهم وما يمكنهم الحصول عليه على حساب الشعب والبلد”.
أضاف: “أتفهّم ما يتمّ طرحه اليوم من تسويات، لكن ليس هناك ما يُسمّى «توافقية» بمفهوم التوافق الميثاقي، إنّما نحن في نظام ديمقراطي حيث يجب أن تكون هناك أكثرية تحكم وأقلية تحاسب وتراقب وتسائل، كما أنّ الرأي العام يحاسب أيضًا. لكن في ظل وجود السلاح وفرض قوة السلاح والرغبة بعدم إنفجار الوضع في الداخل، تعطّل هذا النظام وأدّى، بالنتيجة، إلى ما يُسمّى «خلّينا نتوافق دايمًا». والتوافق حصل دائمًا على السيّء، في حين أنّ التوافق يكون على حماية المبادئ وليس الإلتفاف عليها. وهذا ما أدّى بلبنان إلى الأزمة التي يتخبّط بها اليوم”.
ولفت حرب إلى أنّ “المخرج يكون بالعودة إلى الأخلاق والوطنية، لكن أيّ من المسؤولين لم يظهر أيّ شيء بهذا المعنى، والصراع القائم هو حول من سيحكم لبنان بعد إنتهاء ولاية رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون. فالرئيس متمسّك بتوريث الرئاسة إلى صهره، بينما اللبنانيون الآخرون، وبعد الفشل الذريع الذي مُنيَ به فريق العهد، ليس الأمر واردًا لديه”.
هل هناك حاجة لإعادة النظر بالدستور؟ قال: “هذا الأمر يجب أن يتمّ على مراحل. لا شكّ أن ليس هناك دستور مقدَّس، كالإنجيل أو القرآن، لا يُمسّ. وبنتيجة التجربة، تبيّن أنّ علينا النظر بالثغرات الموجودة وتصحيحها، وهذا أمر طبيعي. لكنّ المطلوب تطبيق الدستور قبل تعديله، إذ عندها يمكن التأكّد من وجود بعض الثغرات —والتي أعرفها كدستوري وطرحتها في الطائف— ووقتها يتمّ طرحها على «البارد»، لا أن نقوم بأزمة حكومية ونجوّع الشعب وندمّر العاصمة ونجلس إلى الطاولة، تحت السلاح وفي ظل وجود 200 ألف صاروخ بيد فريق معين بينما الفريق الآخر تحت رحمته، لنقوم بالإصلاح، الذي يجب أن يتمّ على النار الهادئة وبنتيجة التطور، وليس بقوة السلاح وفرض قوّة معيّنة من قِبَل فريق من اللبنانيين، ويفرض ما يريده أو، في المقابل، لا دستور ولا دولة”.
وتابع: “لهذا فإنّ الطروحات التي نسمعها اليوم، بالرغم من الحاجة الكبيرة لها، إلّا أنّها لن تلبّي المطلوب، أي حلّ المشكلة على صعيد إدارة البلد، ومن الواجب علينا أن نحاول الإستفادة من هذه التجربة الصعبة والمرّة والأليمة التي يعيشها الشعب، وعدم إرتكاب الخطأ الذي تمّ إرتكابه وإيصال هذا النوع من الحكّام إلى السلطة وتسليمهم مصير البلد بحيث نتفادى وجود أشخاص طارئين على الحياة السياسية وراغبين فقط بتحقيق مصالحهم على حساب مصالح الشعب، وليسوا مستعدّين لتقديم حياتهم وكل ما يملكون في سبيل تطوير مجتمعهم وتحسين حياة شعبهم ونظامهم. علينا العودة إلى الاصول، لأن إذا لم تكن هناك أصول وأخلاق، فمهما فعلنا لن ينفع، حتى لو عدّلنا الدستور لن ينفع إذا بقيت هذه النفسية سائدة”.
المركزية