إمبراطورية مداغ تكشف جبل جليد الزوايا المغربية ، وما خفي بخصوص احد اكبر المشاريع الريعية و الكسب غير المشروع بالمغرب .

بقلم : الصحافي حسن الخباز

تلتهم الزوايا سنويا الملايين إن لم نقل الملايير من ميزانية الدولة المقتطعة من المال العام ، ولم يسبق ان وضعت تحت مجهر المراقبة والمحاسبة ، ويبدو ان ما وقع باكبر زاوية بالمغرب سيفتح باب مراجعة ميزانيات باقي الزوايا التي تكسب الذهب من مريديها الدراويش ومن مصادر اخرى .
منذ ان توفي الأب جمال الدين وحتى قبل دفنه ، بدأت بوادر الصراع على الخلافة بين الأخوين تظهر وما لبثت ان طفت على السطح مؤخرا بعدما وصل امرها لكل مريدي الزاوية التي تخرج منها الشيخ الراحل عبد السلام ياسين .
لقد وصل الصراع العائلي حول السلطة اوجه بعد وفاة الشيخ الذي حضر جنازته الملايين وفي مقدمتهم وجهاء السلطة وكبار المسؤولين ، حيث توصل القصر الملكي برسائل تطلب تدخل الملك كاميرا المومنين لحسم الخلاف وسط الزاوية بين الإخوة الاعداء…وتعيين من يصلح للمهمة …
لقد تحولت الزاوية البوتشيشية إلى “طائفة” بوظيفة سياسية بشكل رسمي،، تستغل الدين لجمع أتباعها وتحثهم على الابتعاد عن السياسة لعدم إزعاج السلطة ، وهكذا تتحول الزوايا لأداة فعّالة في يد النظام، تُسكِت الأصوات المعارضة والمحتجة، وتُلهي الفقراء المعدمين بالمدائح والأوراد، بينما ينعم قادتها في البذخ يحميهم قربهم وتزلفهم إلى السلطة التي تبادلهم الخدمة بمقابلها كما ورد في موقع “لكم”
اغلب الزوايا تستفيد من هبات ودعم مادي وعيني ، وهي شركات ريع وفساد، وطوائف مغلقة لا تختلف في جوهرها عن أي تنظيم سري يعبد المصالح ويقدّس الطاعة لعٌرّابيها من شيوخ وأولياء سلطة يقتاتون على تبرعات فقرائها السذج وتصرف عليها الدولة من أموال دافعي الضرائب …
فبعد صراع اكبر رؤوس الزاوية البوتشيشية على الزعامة و التسيير ، طفت على السطح فضيحة من العيار الثقيل ويتعلق الامر بتحويل الزعيم الجديد سبعمائة مليون سنتيم لحساب زوجته ، وما خفي كان اعظم ، وقريبا ستنشر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية نتائج التقرير الكامل للتحقيق الذي فتحته بهذا الخصوص .
بعدما كان التصوف مشروعا دينيا خالصا لوجه الله أصبح مصدرا للاغتناء السريع والكسب غير المشروع ، وعلى النيابة العامة ان تفتح تحقيقا شاملا مع كل الزوايا فقد لا يكون في القنافد أملس …
ولعل إمبراطورية مداغ تكشف ما خفي من جبل جليد الزوايا المغربية التي لم يسبق ان تمت محاسبتها ولا البحث في مصادر تمويلها فضلا عن اوجه صرف الميزانيات الضخمة التي تخصصها لها الدولة بشكل ستوي .
لشيوخ لا ينتجون أي شيء، يعتاشون على الوهم الذي يبيعونه لمريديهم ،
يستفيدون من تحالف المال والدين والنفوذ والسلطة والجاه، ويستغلون هشاشة مريديهم للاغتناء السريع والكسب الحرام .
اكبر زاوية صوفية بالمغرب متهمة إذن بشبهات فساد مالي وتحويلات بملايين الدراهم وحسابات بنكية بالملايير، وقصور وعقارات ومزارع.. هنا يكمن جوهر الخلاف كما سبق أن كتبت، أي صراع الورثة حول الإرث المالي وليس الإرث الرباني كما يقول الصحافي علي انوزلا .
آن الاوان لكل من يثق في هذه الزوايا التي تنشر الجهل والخرافة وتدجن العقول ان يعرف حقيقتها ووجهها الآخر غير الوجه المغلوط ، المغلف بلبوس الصوفية و الذي تسوق له عبر خطاباتها الموجهة للداخل والخارج ، وماهي في الحقيقة إلا دجاجة تبيض ذهبا .